الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي
.زهد النبي صلى الله عليه وسلم: وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قال: قال رَسُولُ الله: «اللهمَّ ارْزُقْ آلَ مُحَمَّدٍ قُوتاً». متفق عليه. وَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا أنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: وَالله يَا ابْنَ أُخْتِي، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الهِلَالِ، ثُمَّ الهِلَالِ، ثُمَّ الهِلَالِ، ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم نَارٌ. قَالَ: قُلْتُ: يَا خَالَةُ، فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ؟ قَالَتْ: الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ الله جِيرَانٌ مِنْ الأَنْصَارِ، وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ أَلْبَانِهَا فَيَسْقِينَاهُ. متفق عليه. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ محمد صلى الله عليه وسلم مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ، ثَلاَثَ لَيَالٍ تِبَاعاً، حَتَّى قُبِضَ. متفق عليه. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ رَضِي اللهُ عَنْهُ قال: مَا تَرَكَ رَسُولُ الله دِينَاراً وَلا دِرْهَماً، وَلا عَبْداً وَلا أمَةً، إِلا بَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ الَّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلاحَهُ، وَأرْضاً جَعَلَهَا لإبْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً. أخرجه البخاري. .حمده صلى الله عليه وسلم: وقال الله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا [58]} [الفرقان:58]. وَعَنِ المُغِيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ، حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ، أَوْ سَاقَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً». متفق عليه. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ الله لَيْلَةً مِنَ الفِرَاشِ، فَالتَمَسْتُهُ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ. وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ! أعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أنْتَ كَمَا أثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ». أخرجه مسلم. شمايل النبي صلى الله عليه وسلم: «كَانَ رَسُولُ الله أحْسَنَ النَّاسِ وَجْهاً، وَأحْسَنَهُ خَلْقاً، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ البَائِنِ، وَلا بِالقَصِيرِ». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أعَادَهَا ثَلاثاً، حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاثاً». أخرجه البخاري. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم إذَا اشْتَدَّ البَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلاةِ، وَإذَا اشْتَدَّ الحَرُّ أبْرَدَ بِالصَّلاةِ». أخرجه البخاري. و«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ عَنْهُ بِيَدِهِ». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ». أخرجه مسلم. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يَبْدَأ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بِالسِّوَاكِ». أخرجه مسلم. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم كَثِيراً مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ». أخرجه مسلم. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَألَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ». أخرجه مسلم. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ، نَفَثَ عَلَيْهِ بِالمُعَوّذَاتِ». أخرجه مسلم. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ، وَطُهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أحْيَانِهِ». أخرجه مسلم. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ، فَإذَا أرَادَ الفَرِيضَةَ، نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ». أخرجه البخاري. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم لا يَطْرُقُ أهْلَهُ، كَانَ لا يَدْخُلُ إِلا غُدْوَةً أوْ عَشِيَّةً». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الإِزَارِ، وَهُنَّ حُيَّضٌ». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ العَسَلَ وَالحَلْوَاءَ، وَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ العَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً سَهْلاً». أخرجه مسلم. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم لا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إِلا نَهَاراً، فِي الضُّحَى، فَإِذَا قَدِمَ، بَدَأ بِالمَسْجِدِ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يُوجِزُ فِي الصَّلاةِ وَيُتِمُّ». أخرجه مسلم. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم لا يَقُومُ مِنْ مُصَلاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أوِ الغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ». أخرجه مسلم. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم مَرْبُوعاً، بَعِيدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أذُنيه». متفق عليه. و«كَانَ شَعَرُ رَسُولِ الله رَجِلا، لَيْسَ بِالسَّبِطِ وَلا الجَعْدِ، بَيْنَ أذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ أوَّلَ اللَّيْلِ وَيُحْيِ آخِرَهُ». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم رَحِيماً رَقِيقاً». أخرجه مسلم. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أهْلِهِ، فَإِذَا سَمِعَ الأذَانَ خَرَجَ». أخرجه البخاري. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ بِثَلاَثِ أَصَابِعَ، وَيَلْعَقُ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا». أخرجه مسلم. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم رَحِيماً رَفِيقاً». أخرجه البخاري. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَرِهَ شَيْئاً عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم لَا يَأْكُلُ شَيْئاً حَتَّى يَعْلَمَ مَا هُوَ». متفق عليه. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم لَا يُسْأَلُ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ أَوْ سَكَتَ». أخرجه الحاكم. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يَتَخَلَّفُ فِي المَسِيرِ فَيُزْجِي الضَّعِيفَ وَيُرْدِفُ وَيَدْعُو لَهُمْ». أخرجه أبو داود. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا اكْتَحَلَ اكْتَحَلَ وِتْراً». أخرجه أحمد. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم تُعْجِبُهُ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ». أخرجه أحمد وأبو داود. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَعَا لِأَحَدٍ بَدَأَ بِنَفْسِهِ». أخرجه أحمد وأبو داود. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يَبِيتُ اللَّيَالِي المُتَتَابِعَةَ طَاوِياً وَأَهْلُهُ لَا يَجِدُونَ عَشَاءً، قَالَ: وَكَانَ عَامَّةُ خُبْزِهِمْ خُبْزَ الشَّعِيرِ». أخرجه أحمد والترمذي. و«كَانَ أَحَبُّ الثِّيَاب إِلَى رَسُولِ الله القَمِيصَ». أخرجه أبو داود والترمذي. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذا أَرَادَ الحَاجَةَ أَبْعَدَ». أخرجه أحمد والنسائي. و«كَانَ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَيُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بالوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ». أخرجه أبو داود والنسائي. و«كَانَ لِرَسُولِ الله خَاتَمُ فِضَّةٍ يَتَخَتَّمُ بهِ فِي يَمِينِهِ». أخرجه النسائي. و«كَانَ رَسُولُ الله يَتَوَضَّأُ بالمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بالصَّاعِ». أخرجه أبو داود والنسائي. و«كَانَ أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى رَسُولِ الله العَمَلَ الصَّالِحَ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ العَبْدُ وَإِنْ كَانَ يَسِيراً». أخرجه أحمد وابن ماجه. .5- الدعوة إلى الله: .فقه حياة النبي صلى الله عليه وسلم: .الأول: القيام بفرائض الحياة: قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [158]} [الأعراف:158]. .الثاني: طريقة الحياة الإسلامية: قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [7]} [الحشر:7]. .الثالث: مقصد الحياة: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [45] وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [46] وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا [47] وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا [48]} [الأحزاب:45- 48]. .الدعوة إلى الله وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم: وقال الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [1]} [الفرقان:1]. وقال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [125]} [النحل:125]. وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [67]} [المائدة:67]. وقال الله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ [19]} [الأنعام:19]. وقال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [108]} [يوسف:108]. .الدعوة إلى الله وظيفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم: وقال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [104]} [آل عمران:104]. وقال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [108]} [يوسف:108]. وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [33]} [فُصِّلَت:33]. وقال الله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [52]} [إبراهيم:52]. وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». أخرجه البخاري. وَعَنْ أبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ فِي حجَّةِ الوَدَاعِ فَقَالَ: «... إنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأمْوَالَكُمْ، وَأعْرَاضَكُمْ، بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَإنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أوْعَى لَهُ مِنْهُ». متفق عليه. .ميادين الدعوة إلى الله: دعوة قومه، كما قال سبحانه: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ [3]} [السجدة:3]. دعوة أهل بلده ومن حولهم، كما قال سبحانه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [7]} [الشورى:7]. دعوة الناس عامة، كما قال سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [52]} [إبراهيم:52]. دعوة العالمين كافة، كما قال سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [1]} [الفرقان:1]. .6- الجهاد في سبيل الله: .أقسام الجهاد في سبيل الله: .الأول: جهاد باللسان: قال الله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا [51] فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا [52]} [الفرقان:51- 52]. وقال الله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [78]} [الحج:78]. وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [69]} [العنكبوت:69]. .الثاني: جهاد بالسيف: وهذا الجهاد ثلاثة أقسام: .1- جهاد طلب: فهؤلاء يقاتلون لكف شرهم عن الخلق. قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ [193]} [البقرة:193]. .2- جهاد ضد الكفار والمشركين من أهل الكتاب وغيرهم: قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [29]} [التوبة:29]. وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [73]} [التوبة:73]. وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ بأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ». أخرجه أبو داود والنسائي. وَعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «... وإذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ المُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى ثَلاثِ خِصَالٍ (أوْ خِلالٍ)، فَأيَّتُهُنَّ مَا أجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلامِ، فإنْ أجَابُوكَ فاقْبَلْ مِنْهُمْ وكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إلى دَارِ المُهَاجِرينَ، وأخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرينَ وَعَلَيْهُمْ مَا عَلَى المُهَاجِرين، فَإنْ أبَوْا أنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأعْرَابِ المُسْلِمينَ يَجْري عَلَيْهِمْ حُكْمُ الله الَّذي يَجْرِي عَلَى المُؤْمِنِينَ، وَلاَ يَكُونُ لَهُمْ في الغَنِيمَةِ وَالفَيِْ شَيءٌ، إلَّا أنْ يُجَاهِدُوا مَعَ المُسْلِمينَ، فَإنْ هُمْ أبَوْا فَسَلْهُمُ الجِزْيَةَ، فَإنْ هُمْ أجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإنْ هُمْ أبَوْا فَاسْتَعِنْ بِالله وَقَاتِلْهُمْ». أخرجه مسلم. .3- جهاد دفع للعدو: فهذا الجهاد يجب على كل قادر من الأمة فوراً. قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [190]} [البقرة:190]. وقال الله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ [191] فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [192]} [البقرة:191- 192]. وقال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [36]} [التوبة:36]. .فقه فرض الجهاد في سبيل الله: وقد أكرم الله بني آدم، واصطفاهم على الخلق، وسخر لهم ما في السماوات وما في الأرض، وأنزل عليهم الدين الحق، ليأكلوا من رزقه، ويتفرغوا لعبادة الله وحده لا شريك له، فبعث إليهم الرسل رحمة منه. فمن أطاع الرسل فهو مسلم محبوب للرب. ومن عصاهم فهو كافر بالله ورسله، عَارَض أمر الله، ورد النعمة التي أكرمه الله بها، وأرسل بها رسله. فهؤلاء من أبى الإسلام منهم، وكف شره عن المسلمين، فهذا نبرّه ونحسن إليه لعله يسلم، ونأخذ منه الجزية مقابل حمايته. ومن أبى الإسلام منهم، وآذى المسلمين وظلمهم، وأساء إليهم بالقول أو الفعل، فهذا نقاتله لكف شره، ورد عدوانه، حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله، وتُحكم البلاد والعباد بالإسلام، وإن رغبوا في السلم سالمناهم. قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [8]} [الممتحنة:8]. وقال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [190]} [البقرة:190]. وقال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ [193]} [البقرة:193]. وقال الله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ [14] وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [15]} [التوبة:14- 15]. وقال الله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [61] وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ [62]} [الأنفال:61- 62].
|